فوائد في العقيدة 8
من أسماء الله العظيمة التي تحتها غرائب وعجائب تفتت الأكباد، اسمه "المصور"، وهو من أسمائه الأزلية ومما يوضح عظمة هذا الاسم وما يشير إليه من كمال قدرة الله، وعظم علمه وإحاطته بكل شيء، أن ينظر الواحد إلى الحجيج يوم جمرة العقبة -مع اختلاف أجناسهم وألوانهم ولغاتهم وهيئاتهم- مصبوبين صبة واحدة، كل واحد منهم الأذنان والعينان في محلهم، والأنف في محله والفم في محله وكل عضو في محله في الجميع، ومع ذلك لا يتماثل منهم اثنان، والله يصور كل واحد منهم صورة مستقلة يطبعه عليها بعلمه وقدرته لا يشاركه فيها أحد البتة، فلا يتماثل منهم اثنان فهي كانت في علمه الأزلي قبل أن يقع ذلك الإنسان، فلما وقع مصورا في الصورة المهيأة له في العلم السابق -ولو جاء ملايين أضعاف الحصى من البشر- لم يضق علمه أن يخترع لكل واحد منهم صورة تخصه لا يشاركه فيها غيره، حتى إن أصواتهم لا تتماثل وبصمات أصابعهم في الأوراق لا يماثل بعضهم بعضا عند من يعرف ذلك، وأظهرهم في الأرض لا يختلط بعضهم ببعض، فيأتي هذا الإنسان الضعيف المسكين فينزل نفسه منزلة العظيم الجبار المصور ويفعل كفعله؛ ولذا جاء النبي -صلى الله عليه وسلم- في تشديد عذاب المصورين، وأنهم أشد الناس عذابا في الأحاديث الصحيحة، وأن ما صوروه في الدنيا يؤمرون بأن يحيوه ويعذبوا عليه عذابا شديدا.
والحاصل أن التصوير هو أول كفر وقع في الدنيا، وهو سبب أول شرك وقع في الدنيا، وله أثره الفعال الآن في فساد الأخلاق وضياع شباب المجتمع وتغيير فطرهم؛ حيث يروا صور النساء، حيث يرى الواحد صورة المرأة على هيئتها متجردة من كل شيء بادية الفرج، نعوذ بالله من ذلك.
في إطلاق الشخص على الله: أخرج مسلم في صحيحه: لا شخص أغير من الله، من أجل ذلك حرم الفواحش إلخ... وفي حديث أبي رزين العقيلي وهو لقيط بن عامر - وفيه: كيف وهو شخص واحد ونحن ملئ الأرض .
وترجم البخاري باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: لا شخص أغير من الله.
وقد تنازع أهل الحديث من أصحاب الإمام أحمد وغيره في إطلاق اسم الشخص على الله، قال القاضي أبو يعلى وأما لفظ الشخص فرأيت بعض أصحاب الحديث يذهب إلى جواز إطلاقه، ووجهه أن قوله: (لا شخص) نفي من إثبات، وذلك يقتضي الجنس، كقوله: لا رجل أكرم من زيد، يقتضي أن زيدا يقع عليه اسم رجل، كذلك قوله: لا شخص أغير من الله يقتضي أن يقع عليه اسم شخص.
قال: وقد ذكر أبو الحسن الدارقطني في كتاب الرؤية ما يشهد لهذا القول، وذكر حديث لقيط بن عامر المتقدم، وقوله: للنبي -صلى الله عليه وسلم-: (كيف ونحن ملء الأرض وهو شخص واحد) فأقره النبي -صلى الله عليه وسلم- على قوله، وقد ذكر أحمد هذا الحديث في الجزء الأول من مسند الكوفيين، فقال: قال عبد الله - يعني ابن أحمد قال عبيد الله القواريري ليس حديث أشد على الجهمية من هذا الحديث قوله: لا شخص أحب إليه المدحة من الله .
قال القاضي: ويحتمل أن يمنع من إطلاق ذلك على الله؛ لأن لفظ الخبر ليس بصريح فيه؛ لأن معناه: لا أحد أغير من الله؛ لأنه قد روي ذلك في لفظ آخر، فاستعمل لفظ الشخص في موضع أحد، ويكون ذلك استثناء من غير جنسه ونوعه، كقوله -تعالى-: مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وليس الظن من نوع العلم. ا هـ.
قال شيخ الإسلام وأما تأويل الشخص إذا ثبت إطلاقه بالذات المعنية والحقيقة المخصوصة، فهذا باطل في لغة العرب التي خاطب بها النبي -صلى الله عليه وسلم- أمته، وإنما يوجد مثل ذلك في عرف المنطقيين ونحوهم إذا قالوا: هذا شخص نوعه في شخصه، أو لا ينحصر نوعه في شخصه، وقالوا الجنس ينقسم إلى أنواعه، والنوع ينقسم إلى أشخاصه، ونحو ذلك مما هو لفظ الشخص فيه بإيذاء لفظ الواحد بالعين.
قلت: وقد أول الرازي في تأسيسه الشخص بذلك، قال في تأسيسه: الأول الشخص والمراد منه الذات المعينة والحقيقة المخصوصة؛ لأن الجسم الذي له شخص وحجمية يلزم أن يكون واحدا، فإطلاق اسم الشخص على الواحدة إطلاق أحد المتلازمين على الآخر.
قلت: وبهذا يتبين أن إطلاق اسم الشخص على الله فيه نزاع بين أهل الحديث من أصحاب الإمام أحمد وغيره على قولين، ولم يرجح شيخ الإسلام واحدا منهما، بل سكت على ما نقله عن القاضي أبي يعلى .
الغيرة: من صفات الله -تعالى- التي وردت النصوص الصحيحة باتصاف الله -تعالى- بها، منها ما في صحيح مسلم لا شخص أغير من الله وبوب البخاري عليه، باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: لا شخص أغير من الله وأخرج البخاري في هذا الباب حديث سعد بن عبادة وفيه: أتعجبون من غيرة سعد؟ لأنا أغير منه، والله أغير مني، ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن الحديث.
قال القاضي: فغير ممتنع إطلاقها عليه؛ لأنه ليس في ذلك ما يحيل صفاته، ولا يخرجها عما يستحقه؛ لأن الغيرة هي الكراهة للشيء وذلك جائز في صفاته، قال -تعالى-: وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ .
قلت: وقال الرازي يجب تأويل الغيرة بالزجر فقال: والثاني: لفظ الغيرة، ومعناه الزجر؛ لأن الغيرة حالة نفسانية مقتضية للزجر والمنع فكنى بالسبب عن المسبب. قال شيخ الإسلام ردا عليه: وأما الغيرة فهو مما تواتر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وصف ربه به، ففي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: إن الله يغار وأن المؤمن يغار، وغيرة الله أ ن يأتي العبد ما حرم الله عليه وفي الصحيحين من حديث ابن مسعود مرفوعا: ما أحد أغير من الله، من أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن الحديث والأحاديث كثيرة فلم يصفه بمطلق الغيرة، بل بين أنه لا أحد أغير منه.
وأما تأويل الرازي الغيرة بالزجر والمنع، فيقال: لا ريب أن الغيرة تستلزم المنع والزجر مما يغار منه، ولكن كون الصفة تستلزم فعلا من الأفعال لا يقتضي أن يكون الثابت مجرد اللازم دون الملزوم، أن تأويل الغيرة بالزجر والمنع تأويل للسبب بالمسبب، وهو تأويل باطل؛ لأن السبب غير المسبب، فلو أراد المخاطب بالغيرة الزجر لكان إلى التلبيس أقرب منه إلى البيان، أنه قال في الحديث: (ما أحد أغير من الله من أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ) وهذا نص صريح في إثبات السبب الذي هو الغيرة، والمسبب الذي هو المنع والزجر، فجعل معنى الغيرة هو معنى التحريم الذي هو المنع والزجر تكذيب صريح للرسول، وهو في الحقيقة قول الجهمية لكن منهم من يعلم بذلك فيكون منافقا، ومنهم جهال لا يعلمون أنهم مكذبون له.
فوائد في العقيدة 9
من صفات الله الكراهة وهي نوعان: كراهة كونية، كقوله -تعالى-: عن المنافقين: وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ كراهة دينية، كقوله -تعالى-: كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا .
دعاء صفة من صفات الله لا يجوز؛ كأن يقول: يا رحمة الله ارحميني، بل قال شيخ الإسلام ابن تيمية إن هذا كفر ورده، ونقل شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب الاستغاثة إجماع العلماء على أن هذا محرم وكفر.
قال شيخ الإسلام في الرد على البكري ما نصه: "وأما دعاء صفاته وكلماته فكفر باتفاق المسلمين، فهل يقول مسلم: يا كلام الله اغفر لي وارحمني و أغثني وأعني، أو يا علم الله أو يا قدرة الله، أو يا عزة الله، أو يا عظمة الله ونحو ذلك، أو سمع من مسلم أو كافر أنه دعا ذلك من صفات الله وصفات غيره، أو يطلب من الصفة جلب منفعة أو دفع مضرة أو إعانة أو إغاثة أو نصرة أو غير ذلك" ا.هـ
ومن ذلك ما يقوله بعض البادية: يا وجه الله فإن هذا من نداء الصفة، فالأمر خطير، أما الاستعاذة بالصفة: أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك وبك منك، فاستعاذ بصفة الرضا من صفة السخط، وبصفة المعافاة من صفة العقوبة، واستعاذ بالله من الله؛ فهذا مشروع، وكذا يجوز القسم بالصفة؛ لقوله -تعالى- عن إبليس: قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ وفي الصحيحين في قصة الرجل آخر أهل الجنة دخولا: لا وعزتك لا أسألك غيرها .
قال شيخ الإسلام للناس في حملة العرش قولان:
1- أنهم يحملون العرش ولا يحملون من فوقه. 2- يحملون العرش ومن فوقه، وذكر لكل قول حجة ورجح القول الثاني
الأحد يونيو 16, 2013 7:21 pm من طرف سلوى
» إيقاف العادات السيئة يبدأ من الدماغ
الأحد يونيو 16, 2013 7:13 pm من طرف سلوى
» دراستان تنصحان بالتعامل المبكر مع مشكلة زيادة الوزن لدى الاطفال
الإثنين نوفمبر 05, 2012 2:00 am من طرف مريم
» انتبه لغذائك بعد سن الأربعين
الإثنين نوفمبر 05, 2012 1:58 am من طرف مريم
» الكشف عن طريقة لإيقاف تدهور العضلات مع تقدم العمر
الإثنين نوفمبر 05, 2012 1:50 am من طرف مريم
» الوزن الزائد والسمنة يرتبطان بسوء أورام البروستات
الإثنين نوفمبر 05, 2012 1:11 am من طرف مريم
» الاختلاء بامرأة غريبة.. يصيب الرجل بأمراض خطيرة!
الإثنين نوفمبر 05, 2012 1:03 am من طرف مريم
» زيت الزيتون يعزّز صحة خلايا البشرة
الإثنين نوفمبر 05, 2012 12:16 am من طرف مريم
» مستحضرات التجميل.. تتسبب بسن اليأس المبكر
الإثنين نوفمبر 05, 2012 12:08 am من طرف مريم