من اسرار سن الاربعين

مما نلاحظه في حياتنا – دون أن نوليه شيئاً من انتباهنا - تكرار العدد (أربعين) في القرآن الكريم، والأحاديث النبوية، والآثار، وتراث العرب الشعري والنثري. أعني كما في قوله تعالىحَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً .. الآية) الاحقاف. فمن منا تساءل: ما سر هذا العدد؟ وما سر تكراره بهذه الصورة الملحوظة؟

من منا تأمل: كيف أن معظم الأنبياء تأتيهم النبوة في سن الأربعين، دون أن نعرف أسباب ذلك؛ سوى النضج العقلي مثلاً؛ ولكن - مع تقدم الزمان - نكتشف أسباباً أخرى.

إن الأنبياء كثيراً ما يواجهون معارضة ورفضاً من قومهم، لأنهم يتهمونهم بالجنون، و اللوث العقلي؛ فهم لا يدركون - مثلاً ما أتى به وعرض له نبينا – عليه الصلاة السلام – من أمور كصعوده للسماء في الإسراء والمعراج، أو عندما يخاطبه جبريل - عليه السلام - عند نزول الوحي عليه؛ فالجاهل والمنكر – هنا – يحاول أن يفسر ذلك بعقله الحاضر؛ فيفشل فشلاً ذريعاً؛ فيتهم النبي بالخيالات والمرض العقلي.

إن الأنبياء يثبتون لقومهم المنكرين بالمعجزات التي ييسرها ويسخرها لهم رب العالمين. ولكن المنكرين للرسالات السماوية لا يقفون عند زمان النبي فحسب؛ ولكنهم يظلون مستمرين؛ يظهرون - في كل زمان ومكان - لمحاربة دين الله وأنبيائه؛ وتلك سنة الله في خلقه.

صحيح أن زمن المعجزات قد انتهى بوفاة خاتم النبيين - عليه وعليهم السلام - ولكن الإثباتات والأدلة بصحة الدين وصدق النبيين لا تنتهي حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

إن العلم الحديث – على سبيل المثال - يشير إلى أن الأمراض العقلية لا تصيب من تجاوز سن الأربعين؛ إلا في سن ما يعرف بأرذل العمر أو العته؛ وهي أمراض تصيب - في العادة - من تجاوز سن الخامسة والستين أو السبعين. وهذه إشارة واضحة وصريحة من المولى - عز وجل - للمنكرين والمشككين في عصرنا الحديث، والتي تثبت أن نبينا - عليه الصلاة والسلام - لم يكن، كما يدعون،ولا كما يهرفون فيما لا يعرفون.

د. إبراهيم تركستاني
* استشاري الطب النفسي والصرع بكلية الطب – جامعة أم القرى