كلام غاية في الروعة عنغض البصر لطبيب القلوب
قال طبيب القلوب ابن القيم رحمه الله في كتابه إغاثة اللهفان:
ولهذا كان غض البصر عن المحارم يوجب ثلاث فوائد عظيمة الخطر ، جليلة القدر
إحداها :حلاوة الإيمان ولذته
حلاوة الإيمان ولذته، التى هى أحلى وأطيب وألذ مما صرف بصره عنه وتركه للهتعالى فإن من ترك شيئا لله عوضه الله عز وجل خيرا منه، والنفس مولعة بحبالنظر إلى الصور الجميلة، والعين رائد القلب. فيبعث رائده لنظر ما هناك،فإذا أخبره بحسن المنظور إليه وجماله، تحرك اشتياقا إليه،
وكثيرا ما يتعبويتعب رسوله ورائده كما قيل :
وَكُنْتَ مَتَى أَرْسَلْتَ طَرْفَكَ رَائِدًا لِقلبكَ يَوْماً أتْعَبَتْكَ المنَاظِرُرَأَيْتَ الَّذِى لا كُلَّهُ أَنْتَ قَادِرٌِ عَلَيْه وَلا عَنْ بَعْضِهِ أَنْتَ صَابرُ
فإذا كف الرائد عن الكشف والمطالعة استراح القلب من كلفة الطلب والإرادة،
فمن أطلق لحظاته دامتحسراته، فإن النظر يولد المحبة.
فتبدأ علاقة يتعلق بها القلب بالمنظورإليه. ثم تقوى فتصير صبابة. ينصب إليه القلب بكليته.
ثم تقوى فتصير غرامايلزم القلب، كلزوم الغريم الذى لا يفارق غريمه.
ثم يقوى فيصير عشقا. وهوالحب المفرط. ثم يقوى فيصير شغفا.
وهو الحب الذى قد وصل إلى شَغاف القلبوداخله. ثم يقوى فيصير تتيماً.
والتتيم التعبد ومنه تيمه الحب إذاعَبَّده. وتيم الله عبد الله.
فيصير القلب عبدا لمن لا يصلح أن يكون هوعبدا له.
وهذا كله جناية النظر فحينئذ يقع القلب فى الأسر. فيصير أسيرابعد أن كان ملكا، ومسجونا بعد أن كان مطلقا.
يتظلم من الطرْف ويشكوه.والطرْف يقول: أنا رائدك ورسولك،
وأنت بعثتنى. وهذا إنما ابتُلى به القلوبالفارغة من حب الله والإخلاص له، فإن القلب لا بد له من التعلق بمحبوب.فمن لم يكن الله وحده محبوبه وإلهه ومعبوده فلا بد أن ينعقد قلبه لغيره.قال تعالى عن يوسف الصديق عليه السلام:
"كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنّهُ مِنْ عِبَادِنَا المُخْلَصِينَ "
فامرأة العزيز لما كانت مشركةوقعت فيما وقعت فيه، مع كونها ذات زوج،
ويوسف عليه السلام لما كان مخلصالله تعالى نجا من ذلك مع كونه شابا عزَبا غريبا مملوكا.
الفائدة الثانية : نور القلب وصحة الفراسة
قال أبو شجاع الكرمانى: "من عمر ظاهره باتباعالسنة، وباطنه بدوام المراقبة،
وكف نفسه عن الشهوات، وغض بصره عن المحارم،واعتاد أكل الحلال لم تخطئ له فراسة"
وقد ذكر الله سبحانه قصة قوم لوط وماابتلوا به، ثم قال بعد ذلك:
قال الله تعالى "إِنَّ فِى ذلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ"وهم المتفرسون
الذين سلموا من النظر المحرم والفاحشة،
وقال تعالى عقيب أمره للمؤمنين بغض أبصارهم وحفظ فروجهم
قال الله تعالى " اللهُ نُورُ السَّمواتِ وَالأرْضِ"
وسرّ هذا الخبر
أن الجزاء منجنس العمل. فمن غض بصره عما حرم الله عز وجل عليه عوضه الله تعالى من جنسه ما هو خير منه، فكما أمسك نور بصره عن المحرمات أطلق الله نور بصيرتهوقلبه فرأى به ما لم يره من أطلق بصره ولم يغضه عن محارم الله تعالى، وهذا أمر يحسه الإنسان من نفسه. فإن القلب كالمرآة، والهوى كالصدأ فيها. فإذا خلصت المرآة من الصدأ انطبعت فيها صورة الحقائق كما هى عليه.
وإذاصدئت لم ينطبع فيها صورة المعلومات.
فيكون علمه وكلامه من باب الخرصوالظنون.
الفائدة الثالثة : قوة القلب وثباته وشجاعته
فيعطيه الله تعالى بقوتهسلطان النصرة،
كما أعطاهبنوره سلطان الحجة، فيجمع له بين السلطانين،
ويهرب الشيطان منه، كما فىالأثر:
"إنَّالّذِى يُخَالِفُ هَوَاهُ يَفْرَقُ الشَّيْطَانُ مِنْ ظِلِّهِ".
ولهذا يوجدفى المتبع هواه من ذل النفس وضعفها ومهانتها ما جعله الله لمن عصاه،
فإنهسبحانه جعل العز لمن أطاعه والذل لمن عصاه.
قال تعالى: " وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ "
وقال تعالى: " وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأنْتُمُ الأعْلَوْنَ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ "
وقال تعالى: "مَنْ كَانَ يُريِدُ الْعِزَّةَ فَللَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً"
أى من كان يطلب العزة فليطلبها بطاعة الله: بالكلم الطيب، والعمل الصالح،
وقال بعض السلف: "الناس يطلبون العز بأبواب الملوك ولا يجدونه إلا فى طاعة الله"
وقال الحسن: وإن هَمْلَجَتْ بهم البراذين، وطقطقت بهم البغال إن ذل المعصية لفى قلوبهم،
أبى الله عز وجل إلا أن يُذِلَّ من عصاه،وذلك أن من أطاع الله تعالى فقد والاه، ولا يذل من والاه الله،
كما فى دعاء القنوت "إِنَّهُ لا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ وَلا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ".
منقول
قال طبيب القلوب ابن القيم رحمه الله في كتابه إغاثة اللهفان:
ولهذا كان غض البصر عن المحارم يوجب ثلاث فوائد عظيمة الخطر ، جليلة القدر
إحداها :حلاوة الإيمان ولذته
حلاوة الإيمان ولذته، التى هى أحلى وأطيب وألذ مما صرف بصره عنه وتركه للهتعالى فإن من ترك شيئا لله عوضه الله عز وجل خيرا منه، والنفس مولعة بحبالنظر إلى الصور الجميلة، والعين رائد القلب. فيبعث رائده لنظر ما هناك،فإذا أخبره بحسن المنظور إليه وجماله، تحرك اشتياقا إليه،
وكثيرا ما يتعبويتعب رسوله ورائده كما قيل :
وَكُنْتَ مَتَى أَرْسَلْتَ طَرْفَكَ رَائِدًا لِقلبكَ يَوْماً أتْعَبَتْكَ المنَاظِرُرَأَيْتَ الَّذِى لا كُلَّهُ أَنْتَ قَادِرٌِ عَلَيْه وَلا عَنْ بَعْضِهِ أَنْتَ صَابرُ
فإذا كف الرائد عن الكشف والمطالعة استراح القلب من كلفة الطلب والإرادة،
فمن أطلق لحظاته دامتحسراته، فإن النظر يولد المحبة.
فتبدأ علاقة يتعلق بها القلب بالمنظورإليه. ثم تقوى فتصير صبابة. ينصب إليه القلب بكليته.
ثم تقوى فتصير غرامايلزم القلب، كلزوم الغريم الذى لا يفارق غريمه.
ثم يقوى فيصير عشقا. وهوالحب المفرط. ثم يقوى فيصير شغفا.
وهو الحب الذى قد وصل إلى شَغاف القلبوداخله. ثم يقوى فيصير تتيماً.
والتتيم التعبد ومنه تيمه الحب إذاعَبَّده. وتيم الله عبد الله.
فيصير القلب عبدا لمن لا يصلح أن يكون هوعبدا له.
وهذا كله جناية النظر فحينئذ يقع القلب فى الأسر. فيصير أسيرابعد أن كان ملكا، ومسجونا بعد أن كان مطلقا.
يتظلم من الطرْف ويشكوه.والطرْف يقول: أنا رائدك ورسولك،
وأنت بعثتنى. وهذا إنما ابتُلى به القلوبالفارغة من حب الله والإخلاص له، فإن القلب لا بد له من التعلق بمحبوب.فمن لم يكن الله وحده محبوبه وإلهه ومعبوده فلا بد أن ينعقد قلبه لغيره.قال تعالى عن يوسف الصديق عليه السلام:
"كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنّهُ مِنْ عِبَادِنَا المُخْلَصِينَ "
فامرأة العزيز لما كانت مشركةوقعت فيما وقعت فيه، مع كونها ذات زوج،
ويوسف عليه السلام لما كان مخلصالله تعالى نجا من ذلك مع كونه شابا عزَبا غريبا مملوكا.
الفائدة الثانية : نور القلب وصحة الفراسة
قال أبو شجاع الكرمانى: "من عمر ظاهره باتباعالسنة، وباطنه بدوام المراقبة،
وكف نفسه عن الشهوات، وغض بصره عن المحارم،واعتاد أكل الحلال لم تخطئ له فراسة"
وقد ذكر الله سبحانه قصة قوم لوط وماابتلوا به، ثم قال بعد ذلك:
قال الله تعالى "إِنَّ فِى ذلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ"وهم المتفرسون
الذين سلموا من النظر المحرم والفاحشة،
وقال تعالى عقيب أمره للمؤمنين بغض أبصارهم وحفظ فروجهم
قال الله تعالى " اللهُ نُورُ السَّمواتِ وَالأرْضِ"
وسرّ هذا الخبر
أن الجزاء منجنس العمل. فمن غض بصره عما حرم الله عز وجل عليه عوضه الله تعالى من جنسه ما هو خير منه، فكما أمسك نور بصره عن المحرمات أطلق الله نور بصيرتهوقلبه فرأى به ما لم يره من أطلق بصره ولم يغضه عن محارم الله تعالى، وهذا أمر يحسه الإنسان من نفسه. فإن القلب كالمرآة، والهوى كالصدأ فيها. فإذا خلصت المرآة من الصدأ انطبعت فيها صورة الحقائق كما هى عليه.
وإذاصدئت لم ينطبع فيها صورة المعلومات.
فيكون علمه وكلامه من باب الخرصوالظنون.
الفائدة الثالثة : قوة القلب وثباته وشجاعته
فيعطيه الله تعالى بقوتهسلطان النصرة،
كما أعطاهبنوره سلطان الحجة، فيجمع له بين السلطانين،
ويهرب الشيطان منه، كما فىالأثر:
"إنَّالّذِى يُخَالِفُ هَوَاهُ يَفْرَقُ الشَّيْطَانُ مِنْ ظِلِّهِ".
ولهذا يوجدفى المتبع هواه من ذل النفس وضعفها ومهانتها ما جعله الله لمن عصاه،
فإنهسبحانه جعل العز لمن أطاعه والذل لمن عصاه.
قال تعالى: " وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ "
وقال تعالى: " وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأنْتُمُ الأعْلَوْنَ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ "
وقال تعالى: "مَنْ كَانَ يُريِدُ الْعِزَّةَ فَللَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً"
أى من كان يطلب العزة فليطلبها بطاعة الله: بالكلم الطيب، والعمل الصالح،
وقال بعض السلف: "الناس يطلبون العز بأبواب الملوك ولا يجدونه إلا فى طاعة الله"
وقال الحسن: وإن هَمْلَجَتْ بهم البراذين، وطقطقت بهم البغال إن ذل المعصية لفى قلوبهم،
أبى الله عز وجل إلا أن يُذِلَّ من عصاه،وذلك أن من أطاع الله تعالى فقد والاه، ولا يذل من والاه الله،
كما فى دعاء القنوت "إِنَّهُ لا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ وَلا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ".
منقول
الأحد يونيو 16, 2013 7:21 pm من طرف سلوى
» إيقاف العادات السيئة يبدأ من الدماغ
الأحد يونيو 16, 2013 7:13 pm من طرف سلوى
» دراستان تنصحان بالتعامل المبكر مع مشكلة زيادة الوزن لدى الاطفال
الإثنين نوفمبر 05, 2012 2:00 am من طرف مريم
» انتبه لغذائك بعد سن الأربعين
الإثنين نوفمبر 05, 2012 1:58 am من طرف مريم
» الكشف عن طريقة لإيقاف تدهور العضلات مع تقدم العمر
الإثنين نوفمبر 05, 2012 1:50 am من طرف مريم
» الوزن الزائد والسمنة يرتبطان بسوء أورام البروستات
الإثنين نوفمبر 05, 2012 1:11 am من طرف مريم
» الاختلاء بامرأة غريبة.. يصيب الرجل بأمراض خطيرة!
الإثنين نوفمبر 05, 2012 1:03 am من طرف مريم
» زيت الزيتون يعزّز صحة خلايا البشرة
الإثنين نوفمبر 05, 2012 12:16 am من طرف مريم
» مستحضرات التجميل.. تتسبب بسن اليأس المبكر
الإثنين نوفمبر 05, 2012 12:08 am من طرف مريم