قصة نجاح بوب يونج والقبعة الحمراء..
في خلال ثلاث سنوات، تحول متمول كندي بدأ من لا شيء، إلى ناشر مشهور ومدير مشروع ناجح يدر قرابة 16 مليون دولار في السنة، وينشر شهرياً أكثر من 35,000 كتاباً وقصة ومجلة وقطع موسيقية وصور فوتوجرافية – بمعدل نمو شهري 10%، لمؤلفين مغمورين من حول العالم. إنه بوب يونج المؤسس السابق لشركة القبعة الحمراء..
لإصدارات لينوكس ولبرمجة المصادر المفتوحة.
الفكرة التي يعتمد عليها نشاط بوب الجديد بسيطة، فحين يطلب غيره من الناشرين مائة كاتب مشهور، يبيعون مليون كتاب، يطلب بوب مليون كاتب ومؤلف، يبيع كل منهم مائة كتاب. إن بوب صاحب أكبر دار نشر من حيث عدد المؤلفين، إذ نشر لمؤلفين من أكثر من 80 دولة، وباع منشوراتهم في أكثر من 60 دولة.
بداية بوب كعقلية تجارية جاءت في صورة مشروع تأجير الآلات الكاتبة، تحول لتأجير الكمبيوترات، ثم تحول في عام 1993 لتوفير برمجيات ذات مصادر شيفرات مفتوحة، حين أسس مع شريكه مارك أيونج شركة ريد هات والتي حولت نظام التشغيل لينوكس من مشروع للهواة، إلى نظام تشغيل راسخ منافس. بعدما عمل في هذه الشركة لفترة 12 سنة، تنحى بوب عن موقع الإدارة، ليتحول بعدها إلى موقعه الجديد، الذي حقق عوائد زادت عن مليون دولار بقليل في عام 2004، وقاربت خمسة ملايين في 2005.
يحتوي موقعه على أكثر من مائة ألف مطبوعة، متوفرة للطبع أو التنزيل عبر انترنت في صورة كتاب رقمي، وهو يقول أن مهمته ليست اكتشاف قصة هاري بوتر جديدة – رغم أن كل زبائنه يأتون لموقعه ظناً منهم أن مؤلفاتهم مثل هاري بوتر – بل مهمته هي توفير حل سهل وبسيط للناس العاديين أمثالنا، أنت وأنت وكل من يعرف كيف يستخدم انترنت.
في حين تطلب دور النشر العادية حدًا أدنى من الأموال، تغطي نفقات وتكاليف النشر الفعلي لمؤلفات أي كاتب، لا يطلب بوب أي شيء على الإطلاق، فالمؤلف يتحكم في كل شيء، من النص لتصميم لغلاف لسعر البيع، طالما أنه يغطي الحد الأدنى من تكاليف نشر أي كتاب، والتي حددها بوب عند 7 دولار للكتاب الواحد. ما زاد عن الحد الأدنى، يحصل المؤلف على 80% منه، ويحصل بوب على الباقي، في مقابل توفير خدمات الشحن عالميًا وتلقي الطلبات عبر انترنت والدفع بالبطاقات الائتمانية.
نموذج العمل أيضاً بسيط، فلا تتم عملية طباعة أي كتاب قبل أن تتم عملية بيعه فعلياً، فالزائر يدخل على موقع لولو ليبحث عن بغيته، ثم يدفع الكترونيًا، وبعدها تبدأ مطابع بوب في الدوران، وبعد الانتهاء يتم شحن الكتاب إلى مشتريه. بذلك لا حاجة إلى مخازن أو تحمل خسائر كتب للم تجد من يشتريها. إن نموذج العمل هذا يحمي نفسه من أية تكاليف كبيرة، وعلى أساسه بدأ موقع لولو في عام 2002، وكلمة لولو في الثقافة المحيطة ببطلنا بوب يونج - الذي يبلغ من العمر 53 سنة وينحدر من مدينة هاميلتون، ولاية أونتاريو الكندية - تعني: الفكرة/الشخص/الشيء - اللامع /العبقري/ الفذ. والفكرة عبقرية من عقل فذ، عقل مؤمن بتوفير حرية الاختيار لجميع الناس، بدأها بتوفير نظام تشغيل مجاني، مع تطبيقات مجانية، كلها قابلة للتعديل بسهولة، إذ يرفق معها دائماً شفراتها. لقد أراد بوب توفير ذات الحرية لجميع الناس، أولئك الذين يحلمون بيوم ينشرون فيه مؤلفاتهم بأنفسهم.
ولا زال الموقع إلى اليوم لا يطلب مصاريف اشتراك أو طبع حد أدنى من النسخ.لكن بوب يونج لم يأت بهذه الفكرة في ساعة صفاء، إذ أنه هو نفسه قد مر بتجربة طباعة ونشر أليمة، إذ أخذته الحمية فألف كتاباً سماه تحت الرادار تحدث فيه عن خبرته المكتسبة أثناء تأسيس وإدارة شركة ريد هات، وطبعه ونشره بنفسه وعلى نفقته (لم يبع الكتاب سوى 15 ألف نسخة فقط!! وتسبب في خسارة الناشر وتوقفه عن العمل)، ولما لم يتحرك كتابه أو يحقق أية مبيعات، قرر بوب تصميم مكتب وكرسي من هذه النسخ غير المباعة، ربما ليذكر نفسه بهذا القرار الذي اتخذه.
فكرة الطبع/النشر عند الطلب لم تكن أيضاً وليدة الساعة، بل توصل لها بوب مع شريكه في القبعة الحمراء، وهما باشرا بتنفيذها في عام 1999 لكنها فشلت بعد ثلاث سنوات لأنهما لم يهدفا إلى التربح منها. لقد أيقن الشريكان أن انتشار البرامج ذات المصادر المفتوحة بحاجة لكتب تشرحها وتسوق لها، ووقتها كانت صناعة الطباعة والنشر تهدف إلى الربح قبل كل شيء. كما أنهما أردا توفير الحرية للمؤلفين، وتوفير أكثر من خيار لهما فيما يتعلق بنشر كتبهما، كما أرادا توفير حرية الاختيار الواسعة أمام القارئ، دون أن تتحكم دور النشر الغنية في المادة المطبوعة والمتوفرة.أشهر الكتب المنشورة على موقع لولو كتاب يحكي عن ساعات اليد المقلدة وكيفية التفرقة بينها وبين الأصلية، لمؤلفه ريتشارد بروان
حين ذهب ريتشارد بكتابه إلى المؤلفين لنشره، رفضوه معللين ذلك بأن أقصى مبيعات يمكن لهذا الكتاب تحقيقها هي ألف نسخة في السنة. ذهب ريتشارد بكتابه إلى موقع لولو لينشره هناك، وفعلاً باع كتابه ألف نسخة، لكن في كل عام، بربح صاف في كل نسخة مباعة قدره 28 دولار، وهو ربح لم يكن أكثر الناشرين كرماً ليشارك ريتشارد به!
ترقد في سكون، في مطبعة كبيرة في مدينة نيويورك، طابعات زيروكس كبيرة الحجم هادئة الصوت سريعة الطباعة، يخرج منها الورق ليتم جمعه وكبسه بواسطة ماكينة معدة لذلك، ومنها يشحن الكتاب للجهة التي اشترته. في حين يرفض الكثير من دور النشر العديد من الأعمال الفنية – إما لضعف المستوى أو لانعدام الطلب عليه - فإن بوب يونج لم يرفض أحدًا لهذه الأسباب. أضف إلى هذا أن اكتشاف الأخطاء وتصحيحها لا يستلزم الانتظار حتى توفر الطلب على طبعة ثانية، بل يمكن التعديل في أي وقت وكل وقت.
كون بوب قد تنحى عن موقعه في قيادة شركة ريد هات لا تعني أنه تخلى عن كل شيء، فموقع لولو لم يكن ليتحقق لولا البرمجيات الحرة ذات المصادر المفتوحة، فموقع بهذه الضخامة – من حيث الزوار والمشتركين والبيانات المخزنة – كان ليتطلب ملايين من الدولارات على البرمجيات وأنظمة التشغيل المتطورة – والتي بدورها تتطلب أجهزة مكلفة.
يؤكد بوب على أن توفر شيفرة المصدر للبرامج التي يعمل عليها الموقع ساهمت في تطوير تلك البرمجيات وتطويعها لتناسب متطلبات العمل اليومية، بالإضافة للقدرة على معرفة أسباب المشاكل بسرعة، والقدرة على حلها ذاتياً، دون انتظار شركة عملاقة حتى تطلق حلول لأخطائها في البرمجة.
هذه الخطوة – استعمال برمجيات حرة المصدر – وفرت عليه نصف التكاليف التي كان يمكن له إنفاقها لتنفيذ فكرة موقع لولو. ليس هذا فحسب، إذ أعاد مهندسو موقع لولو نشر كل الإضافات وحلول المشاكل التي توصلوا لها عند استخدام هذه البرمجيات الحرة.
لكن لماذا رحل؟
بداية شركة القبعة الحمراء كانت في غرفة صغيرة داخل منزل بوب، ومثله فعل شريكه، وخلال عشر سنوات، تحولت الشركة لتصبح ذات قيمة سوقية قدرها 3 مليار دولار. يظن المرء أنه عندما يترأس منشأة كبيرة وناجحة وتدر عليه المال الوفير، فحتماً لن يفكر في تركها، خاصة وأنه صاحبها ومديرها، لكن بوب كره انغماسه في تفاصيل الشئون الإدارية، ومتاهات الاجتماعات والتشريعات، إن بوب رجل يحب مساعدة الغير، وتوفير الحرية لهم، ولذا عندما بدأ مشروع لولو يحقق نجاحاً مستمراً مبشرًا، لم يتردد بوب كثيرًا ليتنحى عن مركزه.
نال بوب يونج حظه من الانتقاد، فرغم أنه من دعاة البرمجيات حرة المصدر، لكن موقعه لا يقبل ملفات بي دي اف سوى تلك المسجلة من برنامج أدوب أكروبات، ويرفض الملفات القادمة من برمجيات أخرى، وإن قبل بعضها، لم يمر الأمر بدون مشاكل وعثرات. كذلك فاجئ الموقع مشتركيه في يوم ببدء فرض ضرائب على مبيعاتهم، في أمريكا وفي انجلترا، ذلك أن موقع الطباعة الأساس يقع على الأرض الأمريكية، ويستحق تبعاً لذلك سداد الضرائب للحكومة الأمريكية، وبينما كان المفترض بالمطبعة البريطانية أن توفر نفقات شحن وطباعة الكتب، فإذا بمستخدميها يقعون تحت طائلة جباة الضرائب الإنجليز. لحسن حظنا نحن العرب – حكم كوننا غرباء – لا نندرج تحت هذا البند، حتى تستفيق حكوماتنا على الأقل!
رؤية بوب يونج للمستقبل تعتمد على نظام تشغيل لينوكس المجاني، وهو يقتبس مقولة لحكيم الهند جاندي: “في البداية سيسخرون منك، ثم سيحاربونك، ثم ستفوز“.
الأحد يونيو 16, 2013 7:21 pm من طرف سلوى
» إيقاف العادات السيئة يبدأ من الدماغ
الأحد يونيو 16, 2013 7:13 pm من طرف سلوى
» دراستان تنصحان بالتعامل المبكر مع مشكلة زيادة الوزن لدى الاطفال
الإثنين نوفمبر 05, 2012 2:00 am من طرف مريم
» انتبه لغذائك بعد سن الأربعين
الإثنين نوفمبر 05, 2012 1:58 am من طرف مريم
» الكشف عن طريقة لإيقاف تدهور العضلات مع تقدم العمر
الإثنين نوفمبر 05, 2012 1:50 am من طرف مريم
» الوزن الزائد والسمنة يرتبطان بسوء أورام البروستات
الإثنين نوفمبر 05, 2012 1:11 am من طرف مريم
» الاختلاء بامرأة غريبة.. يصيب الرجل بأمراض خطيرة!
الإثنين نوفمبر 05, 2012 1:03 am من طرف مريم
» زيت الزيتون يعزّز صحة خلايا البشرة
الإثنين نوفمبر 05, 2012 12:16 am من طرف مريم
» مستحضرات التجميل.. تتسبب بسن اليأس المبكر
الإثنين نوفمبر 05, 2012 12:08 am من طرف مريم